goha مؤسس الموقع
علم بلدك : الجنس : نقاط : 19363 عدد المساهمات : 2836 السٌّمعَة : 22 تاريخ التسجيل : 30/07/2009 العمر : 36 https://goha.ahlamontada.com
| موضوع: قصة بحيرى السبت 15 أغسطس 2009, 6:53 pm | |
| قصة بحيرى
قال ابن إسحاق : ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يزعمون - فرق له وقال والله لأخرجن به معي ، ولا يفارقني ، ولا أفارقه أبدا ، أو كما قال . فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام ، وبها راهب يقال له بحيرى في صومعة له وكان إليه علم أهل النصرانية ، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيها - فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر . فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى ، وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك ، فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام . فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا ، وذلك - فيما يزعمون - عن شيء رآه وهو في صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا ، وغمامة تظله من بين القوم . قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة ، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استظل تحتها ، فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم فقال إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم عبدكم وحركم فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا ، وقد كنا نمر بك كثيرا ، فما شأنك اليوم ؟ قال له بحيرى : صدقت ، قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما ، فتأكلوا منه كلكم . فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش : لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي ، قالوا له يا بحيرى ، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدث القوم سنا ، فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم قال فقال رجل من قريش مع القوم واللاتي والعزى ، إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا ، ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم . فلما رآه بحيرى ، جعل يلحظه لحظا شديدا ، وينظر إلى أشياء من جسده وقد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا ، قام إليه بحيرى ، فقال يا غلام أسألك بحق اللاتي والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تسألني باللاتي والعزى شيئا ، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما " ، فقال له بحيرى : فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه فقال له " سلني عما بدا لك " . فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده
قال ابن هشام : وكان مثل أثر المحجم . قال ابن إسحاق : فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له ما هذا الغلام منك ؟ قال ابني . قال له بحيرى : ما هو بابنك ، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا ، قال فإنه ابن أخي ، قال فما فعل أبوه ؟ قال مات وأمه حبلى به قال صدقت ، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده
فخرج به عمه أبو طالب سريعا ، حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس أن زريرا وتماما ودريسا - وهم نفر من أهل الكتاب - قد كانوا رأوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب فأرادوه فردهم عنه بحيرى ، وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه . فشب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية لما يريد به من كرامته ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا ، وأكرمهم حسبا ، وأحسنهم جوارا ، وأعظمهم حلما ، وأصدقهم حديثا ، وأعظمهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما ، حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه قال لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان كلنا قد تعرى ، وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليك إزارك . قال فأخذته وشددته علي ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي قصة بحيرى
فصل في قصة بحيرى وسفر أبي طالب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وقع في سير الزهري أن بحيرى كان حبرا من يهود تيماء ، وفي المسعودي : أنه كان من عبد القيس واسمه سرجس وفي المعارف لابن قتيبة قال سمع قبل الإسلام بقليل هاتف يهتف ألا إن خير أهل الأرض ثلاثة بحيرى ، ورباب بن البراء الشني والثالث المنتظر فكان الثالث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال القتبي وكان قبر رباب الشني وقبر ولده من بعده لا يزال يرى عليها طش ، والطش : المطر الضعيف .
وقال فيه فصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعمه . الصبابة رقة الشوق يقال صببت - بكسر الباء - أصب ، ويذكر عن بعض السلف أنه قرأ أصب إليهن وأكن من الجاهلين [ يوسف 33 ] . وفي غير رواية أبي بحر ضبث به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي لزمه قال الشاعر
كأن فؤادي في يد ضبثت به
محاذرة أن يقضب الحبل قاضبه
فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك ابن تسع سنين فيما ذكر بعض من ألف في السير وقال الطبري : ابن ثنتي عشرة سنة .
من صفات ختم النبوة
وذكر فيه خاتم النبوة وقول ابن هشام : كان كأثر المحجم يعني : أثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناتئا . وفي الخبر أنه كان حوله حيلان فيها شعرات سود . وفي صفته أيضا أنه كان كالتفاحة وكزر الحجلة وفسره الترمذي تفسيرا وهم فيه فقال زر الحجلة يقال إنه بيض له فتوهم الحجلة من القبج وإنما هي حجلة السرير ، واحدة الحجال وزرها الذي يدخل في عروتها - قال علي - رضوان الله عليه - لأهل العراق : يا أشباه الرجال ولا رجال ويا طغام الأحلام ويا عقول ربات الحجال . وفي حديث آخر كان كبيضة الحمامة وفي حديث عياذ بن عبد عمرو ، قال رأيت خاتم النبوة وكان كركبة العنز . ذكره النمري مسندا في كتاب الاستيعاب فهذه خمس روايات في صفة الخاتم كالتفاحة وكبيضة الحمامة وكزر الحجلة وكأثر المحجم وكركبة العنز ورواية سادسة وهي رواية عبد الله بن سرجس قال رأيت خاتم النبوة كالجمع يعني : كالمحجمة [ وفي الآلة التي يجتمع بها دم الحجامة عند المص ] لا كجمع الكف ومعناه كمعنى الأول أي كأثر الجمع . وقد قيل في الجمع إنه جمع الكف قاله القتبي والله أعلم . | |
|