حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر
كاتب الموضوع
رسالة
goha مؤسس الموقع
علم بلدك : الجنس : نقاط : 19363 عدد المساهمات : 2836 السٌّمعَة : 22 تاريخ التسجيل : 30/07/2009 العمر : 36 https://goha.ahlamontada.com
موضوع: حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر السبت 15 أغسطس 2009, 7:19 pm
قال ابن إسحاق : فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة ، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها ، وإنما كانت ردما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها ، وذلك أن نفرا سرقوا كنزا للكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة ، وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة .
قال ابن هشام : فقطعت قريش يده . وتزعم قريش أن الذين سرقوه وضعوه عند دويك وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم ، فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها ، وكان بمكة رجل قبطي نجار فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحها وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم فتتشرق على جدار الكعبة ، وكانت مما يهابون وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها ، وكانوا يهابونها ، فبينا هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة ، كما كانت تصنع بعث الله إليها طائرا فاختطفها ، فذهب بها ، فقالت قريش : إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا ، عندنا عامل رفيق وعندنا خشب وقد كفانا الله الحية .
فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها ، قام أبو وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم .
قال ابن هشام : عائذ بن عمران بن مخزوم . فتناول من الكعبة حجرا ، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه . فقال يا معشر قريش ، لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا ، لا يدخل فيها مهر بغي ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس والناس ينحلون هذا الكلام الوليد بن المغيرة عبد الله بن عمر بن مخزوم .
قال ابن إسحاق : وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي أنه حدث عن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي . أنه رأى ابنا لجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو يطوف بالبيت فسأل عنه فقيل هذا ابن لجعدة بن هبيرة فقال عبد الله بن صفوان عند ذلك جد هذا ، يعني : أبا وهب الذي أخذ حجرا من الكعبة حين أجمعت قريش لهدمها ، فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال عند ذلك يا معشر قريش : لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا . لا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس .
ثم إن قريشا تجزأت الكعبة ، فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم ، وقبائل من قريش انضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي .
وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ، ولبني أسد بن العزى بن قصي ، ولبني عدي بن كعب بن لؤي وهو الحطيم .
ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه فقال الوليد بن المغيرة : أنا أبدؤكم في هدمها ، فأخذ المعول ثم قام عليها ، وهو يقول اللهم لم ترع -
قال ابن هشام : ويقال لم نزغ - اللهم إنا لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا : ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا ، فهدمنا . فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها بعضا .
قال ابن إسحاق : فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش ، ممن كان يهدمها ، أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما ، فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها ، فانتهوا عن ذلك الأساس .
بنيان الكعبة
ففي خبرها أنها كانت رضما فوق القامة . الرضم أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير ملاط كما قال
رزئتهم في ساعة جرعتهم
كؤوس المنايا تحت صخر مرضم
وقوله فوق القامة كلام غير مبين لمقدار ارتفاعها إذ ذاك وذكر غيره أنها كانت تسع أذرع من عهد إسماعيل ولم يكن لها سقف فلما بنتها قريش قبل الإسلام زادوا فيها تسع أذرع ، فكانت ثماني عشرة ذراعا ، ورفعوا بابها عن الأرض فكان لا يصعد إليها إلا في درج أو سلم وقد ذكرنا أول من عمل لها غلقا ، وهو تبع .
ثم لما بناها ابن الزبير زاد فيها تسع أذرع ، فكانت سبعا وعشرين ذراعا ، وعلى ذلك هي الآن وكان بناؤها في الدهر خمس مرات . الأولى : حين بناها شيث بن آدم والثانية حين بناها إبراهيم على القواعد الأولى ، والثالثة حين بنتها قريش قبل الإسلام بخمسة أعوام والرابعة حين احترقت في عهد ابن
لزبير بشرارة طارت من أبي قبيس ، فوقعت في أستارها ، فاحترقت وقيل إن امرأة أرادت أن تجمرها ، فطارت شرارة من المجمر في أستارها ، فاحترقت فشاور ابن الزبير في هدمها من حضره فهابوا هدمها ، وقالوا : نرى أن تصلح ما وهى ، ولا تهدم . فقال لو أن بيت أحدكم احترق لم يرض له إلا بأكمل صلاح . ولا يكمل إصلاحها إلا بهدمها . فهدمها حتى أفضى إلى قواعد إبراهيم فأمرهم أن يزيدوا في الحفر .
فحركوا حجرا فرأوا تحته نارا وهولا . أفزعهم فأمرهم أن يقروا القواعد وأن يبنوا من حيث انتهى الحفر . وفي الخبر أنه سترها حين وصل إلى القواعد فطاف الناس بتلك الأستار فلم تخل قط من طائف حتى لقد ذكر أن يوم قتل ابن الزبير اشتدت الحرب واشتغل الناس فلم ير طائف يطوف بالكعبة إلا جمل يطوف بها ، فلما استتم بنيانها ، ألصق بابها بالأرض وعمل لها خلفا أي بابا آخر من ورائها ، وأدخل الحجر فيها ، وذلك لحديث حدثته به خالته عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ألم تري قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم حين عجزت بهم النفقة ثم قال لولا حدثان عهد قومك بالجاهلية لهدمتها ، وجعلت لها خلفا وألصقت بابها الأرض وأدخلت فيها الحجر أو كما قال - - قال ابن الزبير فليس بنا اليوم عجز عن النفقة فبناها على مقتضى حديث عائشة فلما قام عبد الملك بن مروان ، قال لسنا من تخليط أبي خبيب بشيء فهدمها وبناها على ما كانت عليه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من بنيانها جاءه الحارث بن أبي ربيعة المعروف بالقباع وهو أخو عمر بن أبي ربيعة الشاعر ومعه رجل آخر فحدثاه عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث المتقدم فندم وجعل ينكت في الأرض بمخصرة في يده ويقول وددت أني تركت أبا خبيب وما تحمل من ذلك فهذه المرة الخامسة
فلما قام أبو جعفر المنصور ، وأراد أن يبنيها على ما بناها ابن الزبير وشاور في ذلك فقال مالك بن أنس : أنشدك الله يا أمير المؤمنين وأن تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك ، لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن رأيه فيه وقد قيل إنه بني في أيام جرهم مرة أو مرتين لأن السيل كان قد صدع حائطه ولم يكن ذلك بنيانا على نحو ما قدمنا ، إنما كان إصلاحا لما وهى منه وجدارا بني بينه وبين السيل بناه عامر الجارود وقد تقدم هذا الخبر ، وكانت الكعبة قبل أن يبنيها شيث خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم ويأنس إليها ; لأنها أنزلت إليه من الجنة وكان قد حج إلى موضعها من الهند ، وقد قيل إن آدم هو أول من بناها ، ذكره ابن إسحاق في غير رواية البكائي .
وفي الخبر أن موضعها كان غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض فلما بدأ الله بخلق الأشياء خلق التربة قبل السماء فلما خلق السماء وقضاهن سبع سموات دحا الأرض أي بسطها ، وذلك قوله سبحانه والأرض بعد ذلك دحاها [ النازعات 3 ] وإنما دحاها من تحت مكة ; ولذلك سميت أم القرى ، وفي التفسير أن الله سبحانه حين قال للسموات والأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين [ فصلت 11 ] لم تجبه بهذه المقالة من الأرض إلا أرض الحرم ، فلذلك حرمها .
وفي الحديث أن الله حرم مكة قبل أن يخلق السموات والأرض فصارت حرمتها كحرمة المؤمن لأن المؤمن إنما حرم دمه وعرضه وماله بطاعته لربه وأرض الحرم لما قالت أتينا طائعين حرم صيدها وشجرها وخلاها إلا الإذخر فلا حرمة إلا لذي طاعة جعلنا الله ممن أطاعه .
كنز الكعبة والنجار القبطي
فصل
وذكر ابن إسحاق دويكا الذي سرق كنز الكعبة ، وتقدم أن سارقا سرق من مالها في زمن جرهم ، وأنه دخل البئر التي فيها كنزها فسقط عليه حجر فحبسه فيها ، حتى أخرج منها ، وانتزع المال منه ثم بعث الله حية لها رأس كرأس الجدي بيضاء البطن سوداء المتن فكانت في بئر الكعبة خمسمائة عام فيما ذكر رزين وهي التي ذكرها ابن إسحاق ، وكان لا يدنو أحد من بئر الكعبة إلا احزألت أي رفعت ذنبها ، وكشت أي صوتت .
وذكر ابن إسحاق أن سفينة رماها البحر إلى جدة ، فتحطمت وذكر غيره عن ابن منبه أن سفينة خجتها الريح إلى الشعيبة وهو مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز ، وهو كان مرفأ مكة ومرسى سفنها قبل جدة . والشعيبة بضم الشين ذكره البكري ، وفسر الخطابي خجتها : أي دفعتها بقوة من الريح الخجوج أي الدفوع .
قال ابن إسحاق : وكان بمكة نجار قبطي ، وذكر غيره أنه كان علجا في السفينة التي خجتها الريح إلى الشعيبة وأن اسم ذلك النجار ياقوم وكذلك روي أيضا في اسم النجار الذي عمل منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طرفاء الغابة ، ولعله أن يكون هذا ، فالله أعلم .
الحية والدابة
فصل
وذكر خبر العقاب أو الطائر الذي اختطف الحية من بئر الكعبة ، وقال غيره طرحها الطائر بالحجون فالتقمتها الأرض . وقال محمد بن الحسن المقري هذا القول ثم قال وهي الدابة التي تكلم الناس قبل يوم القيامة واسمها : أقصى فيما ذكر ومحمد بن الحسن المقري هو النقاش وهو من أهل العلم - والله أعلم بصحة ما قال غير أنه قد روي في حديث آخر أن موسى سأل ربه أن يريه الدابة التي تكلم الناس فأخرجها له من الأرض فرأى منظرا هاله وأفزعه فقال أي رب ردها فردها .
وذكر ابن إسحاق حديث الحجر الذي أخذ من الكعبة ، فوثب من يد آخذه حتى عاد إلى موضعه وقال غيره ضربوا بالمعول في حجر من أحجارها ، فلمعت برقة كادت تخطف أبصارهم وأخذ رجل منهم حجرا ، فطار من يده وعاد إلى موضعه .
وذكر ابن إسحاق قولهم اللهم لم ترع وهي كلمة تقال عند تسكين الروع والتأنيس وإظهار اللين والبر في القول ولا روع في هذا الموطن فينفى ، ولكن الكلمة تقتضي إظهار قصد البر فلذلك تكلموا بها ، وعلى هذا يجوز التكلم بها في الإسلام وإن كان فيها ذكر الروع الذي هو محال في حق الباري تعالى ، ولكن لما كان المقصود ما ذكرنا ، جاز النطق بها ، وسيأتي في هذا الكتاب إن شاء الله زيادة بيان عند قوله فاغفر فداء لك ما اقتفينا . ويروى أيضا : اللهم لم نزغ وهو جلي لا يشكل .
حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر